منى ..


منى امرأة صالحة تقية تحب الخير و لا تفتر عن ذكر الله لا تسمح لكلمة نابية أن تخرج من فمها إذا ذكرت النار خافت و فزعت و رفعت أكف الضراعة إلى الله طالبة الوقاية منها , و إذا ذكرت الجنة شهقت رغبة فيها و مدت يدها بالدعاء و الابتهال إلى الله أن يجعلها من أهلها , تحب الناس و يحبونها و تألفهم و يألفونها .... و فجأة تشعر بألم شديد في الفخذ و تسارع إلى الكمادات و المسكنات و لكن الألم يزداد شدة.

و بعد رحلة في مستشفيات كثيرة و لدى عدد كبير من الأطباء سافر بها زوجها إلى لندن و هناك و في مستشفى فخم و بعد تحليلات دقيقة يكتشف الأطباء أن هناك تعفنا في الدم و يبحثون عن مصدره فإذا هو موضع الألم في الفخذ و يقرر الأطباء أن منى تعاني من سرطان في الفخذ هو مبعث الألم و مصدر العفن و ينتهي تقريرهم إلى ضرورة الإسراع ببتر رجل منى من أعلى الفخذ حتى لا تتسع رقعة المرض.
و في غرفة العمليات كانت منى ممدة مستسلمة لقضاء الله و قدره و لكن لسانها لم ينقطع عن ذكر الله و صدق اللجوء و التضرع إليه.
و يحضر جمع من الأطباء فعملية البتر عملية كبيرة و يوضع الموس في المقص و يحدد بدقة موضع البتر , و بدقة متناهية و وسط وجل شديد و رهبة عميقة يوصل التيار الكهربائي و ما يكاد المقص يتحرك حتى ينكسر الموس وسط دهشة الجميع و تعاد العملية بوضع موس جديد و تتكرر الصورة نفسها و ينكسر الموس , و ما يكاد الموس ينكسر للمرة الثالثة – لأول مرة في تاريخ عمليات البتر التي أجريت من خلاله – حتى ارتسمت علامات حيرة شديدة على وجوه الأطباء الذين راحوا يتبادلون النظرات.
اعتزل كبير الأطباء بهم جانبا و بعد مشاورات سريعة قرر الأطباء إجراء جراحة للفخذ التي يزمعون بترها و يا لشدة الدهشة !! ما كاد المشرط يصل إلى وسط أحشاء الفخذ حتى رأى الأطباء بأم أعينهم قطنا متعفنا بصورة كريهة , و بعد عملية يسيرة نظف فيها الأطباء المكان و عقموه.
صحت منى و قد زالت الآلام بشكل نهائي حتى لم يبق لها أثر.
نظرت منى فوجدت رجلها لم تمس بأذى , ووجدت زوجها يحادث الأطباء الذين لم تغادر الدهشة وجوههم فراحوا يسألون زوجها هل حدث و أن أجرت منى عملية جراحية في فخذها , لقد عرف الأطباء من منى و زوجها أن حادثا مروريا تعرضا له قبل فترة طويلة كانت منى قد جرحت جرحا بالغا في ذلك الموضع , و قال الأطباء بلسان واحد إنها العناية الإلهية.
و كم كانت فرحة منى و كابوس الخطر ينجلي و هي تستشعر أنها لن تمشي برجل واحدة كما كان يؤرقها , فراحت تلهج بالحمد و الثناء على الله الذي كانت تستشعر قربه منها , و لطفه بها , ورحمته لها.


*قصة منى نموذج من نماذج لا حصر لها من أولياء الله الذين التزموا أمره و آثروا رضاه على رضى غيره و ملأت محبته قلوبهم فيقبلون على أوامر الله بشوق و يمتثلون أحكامه بحب و الله سبحانه و تعالى لا يتخلى عنهم بل يمدهم بقوته و يساعدهم بحوله و يمنحهم رضاه و يحلهم جنته.

0 Comments:

Post a Comment



رسالة أحدث رسالة أقدم الصفحة الرئيسية